القاهرة21 يوليو 2016- قال 5 متعاملين في السوق الموازية للعملة في مصر، أمس، إن سعر صرف الدولار واصل قفزاته في السوق السوداء ليتخطى لأول مرة في تاريخه حاجز 11.75 جنيه.
وأكد محمد أبوباشا المحلل الاقتصادي في المجموعة المالية هيرميس، أن “الارتفاع بدأ من قراءة السوق لتصريحات محافظ البنك المركزي الأخيرة، حيث راهن السوق على خفض وشيك لقيمة الجنيه من جانب المركزي”.
وأضاف أنه رغم أن المركزي لم يقدم على تلك الخطوة في الأسبوعين الماضيين، لكن مضاربات السوق تواصل المراهنة على خفض وشيك لقيمة الجنيه، مرجحا استمرار ارتفاعه مع تزايد وتيرة المضاربات وفي انتظار تحرك من جانب المركزي.
ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية، سواء بخفض سعر العملة في مارس أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص 21 شركة صرافة منذ بداية العام.
وكان محافظ المركزي طارق عامر قد أكد في الثالث من يونيو الماضي أن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه كان خطأ وأنه مستعد لأخذ القرارات الصحيحة وتحمل نتائجها.
وقال ثلاثة مصرفيين بقطاعات الخزانة في البنوك المصرية لوكالة رويترز، أمس، إن “ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية يتسارع منذ تصريحات عامر، بعد أن كان مستقرا طوال شهر رمضان”.
3.36 مليار دولار قيمة الإيرادات المتوقعة للموازنة المصرية من ضريبة المبيعات خلال السنة المالية الحالية
وقبل تصريحات محافظ المركزي كان الدولار يجرى تداوله في السوق الموازية بين 11 جنيها و11.05 جنيه في أغلب أيام شهر رمضان، في حين يبلغ السعر الرسمي في المصارف نحو 8.88 جنيه للدولار. يأتي ذلك بينما يترقب المصريون موجة جديدة من الغلاء، مع اقتراب إقرار البرلمان قانون ضريبة القيمة المضافة، حيث تهدف الحكومة المصرية من ورائه إلى خفض عجز الموازنة العامة للدولة المتوقع بلوغه قرابة 36.4 مليار دولار بحول نهاية العام الجاري.
وتتوقع أوساط اقتصادية زيادة هامة في إيرادات ضريبة المبيعات بقيمة تقدر بنحو 3.36 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية، مقارنة بالسنة الماضية، نتيجة تطبيق ضريبة القيمة المضافة. وخلال جلسة استماع في البرلمان، أشار عمرو الجارحي، وزير المالية المصري إلى أن نحو 90 بالمئة من السلع الغذائية معفاة من ضريبة القيمة المضافة، وأن قائمة السلع المعفاة من ضريبة القيمة المضافة تصل إلى حوالي 52 مجموعة سلعية.
وقال إن “التضخم الناتج عن ذلك سيكون محدودا على محدودي الدخل لأن الأكثر دخلا يدفعون ضريبة أكبر من الأقل دخلا على أساس حجم الاستهلاك”. وتريد مصر بلوغ عجز يصل إلى 10 بالمئة في الموازنة الحالية بعد أن كانت سجلت عجزا بنحو 11.5 بالمئة في الموازنة السابقة.
ويقوم البنك المركزي بترشيد احتياطياته الدولارية خلال عطاءات أسبوعية منتظمة مبقيا الجنيه قويا بشكل مصطنع مقابل الدولار، لكن تجارا في السوق الموازية قالوا إنهم باعوا دولارات في نطاق 11.75 و11.80 جنيه للدولار أمس ولم يذكروا أحجاما للتعاملات.
وقال متعامل إن “السعر يرتفع بسرعة منذ تصريحات محافظ المركزي. الجميع يريد اقتناء الدولار الآن. قمت بالبيع اليوم بسعر 11.80 جنيه. هناك طلب لكن المعروض قليل”. ويسمح البنك رسميا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي، لكن من المعروف أن مكاتب الصرافة تطلب سعرا أعلى للدولار عندما يكون شحيحا.
|
ويقول الاقتصاديون إنه لا مفر من خفض قيمة الجنيه، لكن التوقيت هو العامل المهم لتقليص الأثر التضخمي وبصفة خاصة مع سعي الحكومة لفرض ضريبة القيمة المضافة هذا العام بينما لم تستكمل بعد إصلاحات الدعم.
وخفضت مصر من قيمة عملتها بـ14 بالمئة في منتصف مارس الماضي في مسعى للقضاء على السوق السوداء للدولار، التي نمت وسط نقص شديد في العملة الأجنبية أضر بالأنشطة التجارية والاستثمار.
وقال مصرفي في قطاع الخزانة في أحد البنوك الخاصة، طلب عدم ذكر اسمه، إنه “لا توجد مؤشرات على أي تحسن في أزمة الدولار. الجميع ينتظر ماذا ستفعل الحكومة والبنك المركزي”.
وبرز التدهور في سعر العملة المصرية رغم دخول قرابة 1.4 مليار دولار خزينة البنك المركزي المصري في صورة قرضين من الصين والبنك الأفريقي للتنمية منذ بداية العام.
وتأتي اتفاقيات الاقتراض بعد أن حصلت مصر خلال فترة العامين ونصف العام الماضية على مليارات الدولارات من السعودية والإمارات والكويت في صورة مساعدات ومنح بعد أن عزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013.
وأعلنت الإمارات في أبريل الماضي عن نيتها إيداع ملياري دولار في المركزي المصري. وقال بعدها عامر في عدة تصريحات إن “مليار دولار من الوديعة الإماراتية سيصل خلال أيام”، لكن لم يتم الإعلان رسميا حتى الآن عن وصول أي من الملياري دولار لمصر.
وتكافح مصر منذ انتفاضة 2011 التي أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح، المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة، فضلا عن انخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.