من المنتظر أن تُـحسم قريبا في سويسرا عديد المسائل المرتبطة بتجميد وإعادة أموال الدكتاتوريين المُطاح بهم، بواسطة قانون يعتبره كثيرون أنموذجا على المستوى الدولي. لكن هذا لا يمنع الأصول غير المشروعة من مواصلة تدفقها على الساحة المالية السويسرية، حيث كشفت العديد من القضايا المُـعلن عنها في الآونة الأخيرة عن استمرار وجود ثغرات في الإجراءات القانونية المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال.
سوسيرا التي تدير أكثر من 2200 مليار فرنك من الثروات، أي زهاء 30% من إجمالي الأصول العابرة للحدود في العالم.
حيث يتمثل الهدف الرئيسي للقانون الجديد المتعلق بـ “تجميد وإعادة الأصول المتأتية من مصادر غير مشروعة لأشخاص معرّضين للمحاسبة سياسيا في الخارج”، المعروض حاليا على النقاش في البرلمان الفدرالي، والذي حظي بترحيب خبراء البنك الدولي، إلى إقامة الدليل للعالم بأن سويسرا لم تعد مأوى حصينا ومُرحّبا بأموال الطغاة والمستبدين الأجانب.
فمنذ قضية ماركوس (الفلبين) في عام 1986، أضحت قائمة أصول الطغاة الذين شوّهوا سمعة الكنفدرالية ومصارفها، طويلة. ذلك أن أسماء موبوتو (الزايير سابقا) وأباشا (نايجيريا) وبن علي (تونس) والقذافي (ليبيا) ومبارك (مصر)، ستظل مقترنة إلى الأبد بتواطُئ بعض المصارف السويسرية في مسار إفقار ونهب شعوب بأكملها من طرف حكامها.
في سويسرا، يريد كثيرون أن يعتقدوا أن هذه الممارسات أصبحت فعلا من ذكريات الماضي. فالأزمة المالية والضغوط الهائلة التي أدت إلى الموت البطيء للسر المصرفي، والمقاييس التي تشتد صرامة يوما بعد يوم في مجال الشفافية ومكافحة غسيل الأموال، تركت آثارا لا تُـخطئها العين.
في السياق، يقول جاك نايرينك، النائب الديمقراطي المسيحي في مجلس النواب السويسري: “لم نعد مستودع الأشياء المسروقة من العالم. لقد أطلق القطاع المصرفي عملية تخليق، كما استنتج أنه ليس من الضروري ممارسة التلاعب لتحقيق النجاح. فقوة الفرنك والإستقرار السياسي والمؤسسات التي تعمل بانتظام، عوامل كافية اليوم لضمان نجاحه”.
وبشأن ليبيا صرح الخبير المالي والاقتصادي مصطفى البازركان عن ما أسماه تضييع الأموال لأسباب متعددة، وكشف أن الاحتياط الليبي والأرصدة الليبية كانت تتراوح عام 2010 بين 280 و340 مليار دولار، بينما تقدر حاليا بـ95 مليار دولار.
وأشار إلى أن ليبيا كانت تقتطع من مدخولاتها النفطية 15% حتى عام 2000، حتى أن صندوق النقد الدولي كان يعتمد على هذا البلد في منح قروضه للدول الأعضاء.
وأضاف الخبير أن الظروف الداخلية في ليبيا، وكذلك الظروف الإقليمية والدولية، تعرقل إمكانية استعادة هذه الأموال في الوقت الراهن. وقال إن هناك أنظمة مصرفية ومالية تتردد في تحديد المبالغ المنهوبة وإعادتها إلى ليبيا، وقد تستغرق هذه العملية سنوات طويلة، إضافة إلى مسألة الفساد والمالي والمصرفي، حيث برزت في العالم وفي أوروبا فضائح بهذا الشأن.
وبحسب إحصائيات رسمية، يقدر حجم الأموال الليبية المهربة للخارج بـ220 مليار دولار. وذكرت مصادر رسمية أن ليبيا أنجزت ملفا للتسوية الودية مع سويسرا التي هّرب إليها 30 مليار دولار.